المنامة في 21 يناير/ عقد النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين، مؤتمرا صحفيا، اليوم، بمقر النيابة العامة لإعلان إحصائيتها السنوية لعام 2023، وذلك بحضور المحامي العام الأول المستشار وائل بوعلاي، مساعد النائب العام، والمستشار الدكتور أحمد الحمادي، المحامي العام الأول رئيس التفتيش القضائي.
وأكد النائب العام في كلمته خلال المؤتمر؛ أن النيابة العامة في إطار التزامها بتطبيق القانون تضع في اعتبارها دائما المصالح الأساسية والأبعاد الاجتماعية والتنموية التي قصد المشرع مراعاتها لتحقيق الأمن الاجتماعي والاقتصادي، والاستقرار المادي والنفسي للفرد والأسرة ولكونها المحددات التي تضعها الدولة من أجل التنمية وحماية مقومات البلاد ومقدراتها الاقتصادية، وكفالة حقوق الإنسان بمختلف أنواعها، مشيرا إلى أن مراعاة النيابة تلك المصالح والأبعاد في أداء رسالتها نابع من إيمانها بأن العدالة لن تتأتى إلا بممارسات تكفل الحقوق العامة والخاصة، وتضمن فيها المساواة مع رؤية إنسانية تنعكس فيها روح القانون.
وذكر النائب العام أن العام الماضي 2023 شهد بعض التحديثات المهمة في عمل النيابة العامة وبالأخص في شأن الجرائم المالية، والمعاملة الجنائية للطفل، حيث أصدر قرارا بإضافة اختصاص جديد إلى نيابة الجرائم المالية وغسل الأموال هو التحقيق والتصرف في القضايا التي تتعلق بالتعدي على أموال الشركات أو المؤسسات التي تسهم فيها الدولة بنصيب ما؛ مهما كان مقدار ذلك النصيب، وبأي صفة كانت مساهمة الدولة، كي تباشر هذه النيابة السلطات المقررة لها على تلك النوعية من الجرائم، من حيث التخصص الدقيق في التحقيق، وكذا الإجراءات القانونية العاجلة والحاسمة التي تمكنها من ملاحقة الجناة والأموال موضوع الجريمة. وقد أتى هذا القرار لما لوحظ من وقوع حالات تعد على أموال بعض الشركات والمؤسسات ذات الطبيعة الخاصة والتي تسهم الدولة في أموالها، وهو ما اقتضى مد نطاق الحماية على المال العام ولو في أبسط مقدار بشمول أموال تلك الكيانات بالحماية الإجرائية الحاسمة على غرار الإجراءات المتبعة في قضايا المال العام.
كما تم تدشين دليل استرشادي لآلية سماع أقوال الطفل لمرة واحدة في جرائم الاعتداء الجنسي بالتعاون والتنسيق مع المجلس الأعلى للقضاء والوزارات والإدارات الحكومية ذات الصلة، وذلك في إطار مراعاة المصالح الفضلى للطفل، ولإدراك النيابة العامة والجهات المختصة طبيعة شخصية الطفل ورهافة حسه في هذه المرحلة العمرية، مما رؤي معه اختزال إجراءات استجوابه وسماع أقواله في جرائم الاعتداء الجنسي لتكون لمرة واحدة فقط في مراحل الاستدلال والتحقيق والمحاكمة، وذلك لإعفاء الطفل من تكرار استدعاء الجريمة في ذاكرته وما يترتب عن ذلك من أضرار نفسية.
وفي ذات السياق، أشاد النائب العام بالمسار الناجح والموفق لمبادرة النيابة العامة الاجتماعية “رعاية” وتعاون الجهات الشريكة في هذه المبادرة في شمول الطفل والمرأة والأسرة بالرعاية سواء المصاحبة لإجراءات الدعوى الجنائية أو اللاحقة عليها، مشيرا إلى أن المبادرة قد شملت بالرعاية منذ إطلاقها في نهاية عام 2021 وحتى نهاية 2023 (347) حالة وقفت النيابة على حاجتها الماسة لتلقي خدمات عاجلة ومستحقة وأحالتها إلى الجهات المختصة للنظر في شئون أصحابها وتم كفالتهم بالخدمات المتنوعة في مجالات التعليم والصحة والعمل وبأنواع الرعاية والحماية المختلفة ووفق ما يسمح به القانون، فيما أعرب عن شكره وتقديره للمجلس الأعلى للمرأة والوزارات والإدارات المختصة شركاء النيابة العامة في المبادرة لتعاونها في تلبية هذه الرسالة الإنسانية.
ومن ناحية أخرى، أكد النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين أن النيابة العامة تولي اهتماما كبيرا بقضايا الاحتيال الإلكتروني، وأخذت مبادرات إلى جانب مواجهتها تلك الجرائم قضائيا فأطلقت حملة توعوية على حسابات النيابة الرسمية بشكل دوري تضمنت بيانا لطرق وأساليب الاحتيال ودعوة للحذر من تداول المعلومات الشخصية والبنكية. كما أنها ولضمان تقويض الجريمة والحد منها والحيلولة دون تحقق نتيجتها قامت خلال عام 2023 بتنظيم طاولة مستديرة شارك فيها المعنيون بوزارة الداخلية ومسئولو البنوك والمؤسسات المصرفية وشركات الاتصالات، ونوقشت في هذه الفعالية الخطط والاستراتيجيات اللازمة للحد من جرائم الاحتيال الإلكتروني، وانتهت إلى مجموعة من التوصيات أبرزها وضع آلية لسرعة التعامل مع البلاغات فور تقديمها، واتخاذ الجهات إجراءات عاجلة كفيلة بتحديد هوية الجناة وتتبع حركة الأموال وضبطها، مع مواصلة التدريب القانوني والتقني للمختصين، وإطلاق الحملات الإعلامية لإفاقة الجمهور وتوعيته، فضلا عن توصيات تتعلق بواجبات منتسبي البنوك والمؤسسات المصرفية وشركات الاتصال للمساهمة في الحد من الجريمة بما يوفرونه من معلومات عاجلة وفقا للقانون.
وفي شأن التعاون القضائي الدولي، أشار النائب العام إلى حرص النيابة العامة على تعزيز قدراتها وتطوير أساليبها في العمل كي يصبح أداؤها مواكبا لكل المستجدات التي تطرأ على الجريمة وتطور وسائلها، وقادرا بالتالي على إنفاذ القانون وأحكام الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مملكة البحرين، وقد اقتضى ذلك التواصل مع الأجهزة النظيرة في العالم لتبادل الخبرات والمعلومات والتنسيق لتنفيذ طلبات المساعدة القضائية وبالأخص في الجرائم ذات الخطورة كالجريمة المنظمة وجرائم الفساد وغسل الأموال والاتجار بالأشخاص والمخدرات، ولهذا أبرمت النيابة العامة على مدار السنوات الماضية العديد من مذكرات التفاهم مع نيابات ذات خبرات متميزة، وفي عام 2023 وقعت مذكرات تفاهم مع النيابة العامة لدى كل من المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية الصين الشعبية وجمهورية جورجيا.
وفيما يتعلق بإحصائية النيابة لعام 2023؛ أعلن النائب العام عن بلوغ نسبة الإنجاز 99% وانخفاض عدد القضايا التي أحيلت للمحاكم مقارنة بعام 2022، وأرجع ذلك لاستعمال النيابة العامة ما لها من سلطة تقديرية في التصرف في الدعوى من منطلق المواءمة والملاءمة وإلى استمرارها في استعمال كامل صلاحياتها المقررة قانونا في إصدار الأوامر الجنائية، وذلك جميعه تحقيقا للعدالة الناجزة وتخفيف العبء عن المحاكم.