المنامة في 18 أكتوبر / أكد سعادة السيد نواف بن محمد المعاودة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، أن إنشاء الأمانة العامة للتظلمات، جاء ضمن منظومة العمل المؤسسي الذي يحرص على احترام حقوق الإنسان وترسيخ قيم العدالة وسيادة القانون، وهو ما تم تأكيده من خلال سلسلة متواصلة من الإجراءات التنفيذية التي رفعت مقام مملكة البحرين إلى مصاف دول رائدة في احترام قيم ومبادئ حقوق الإنسان، وجعلتها سباقة في محيطها العربي والإقليمي، في استراتيجيةٍ مستمرةٍ ومتطورةٍ لا تتوقف بل تستجيب دومًا إلى تطلعات الإنسان البحريني، بل وحتى كل من يعيش في مملكة البحرين، وتضمن له حقوقه في المجالات كافة، ضمن الإطار الأوسع الذي رسخه المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وبدعم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.
جاء ذلك خلال كلمة له في حفل إفتتاح المؤتمر الدولي الذي تنظمه الأمانة العامة للتظلمات بمناسبة الذكرى العاشرة على تدشينها، تحت عنوان “فاعلية أمناء التظلمات في العمل المؤسسي ودورهم في تعزيز احترام حقوق الإنسان”، الذي يقام على مدى يومين، بحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة الوزراء، ورؤساء أجهزة وهيئات حكومية وطنية، بالإضافة إلى عدد من كبار الشخصيات من خارج مملكة البحرين يمثلون رؤساء لمكاتب واتحادات أمناء تظلمات على مستوى العالم، مع وجود تمثيل عال المستوى من منطقة دول الخليج والعالم العربي.
ووجه وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف في كلمته التهنئة للسيدة غادة حميد حبيب الأمين العام للتظلمات لكونها أول سيدة تشغل هذا المنصب، كما هنأ مديري الإدارات وجميع منتسبي وأعضاء الأمانة، مؤكدًا لهم أن نجاح الأمانة العامة للتظلمات طوال الأعوام الماضية هو بلاشك مصدر فخر، ولكنه في ذات الوقت يشير إلى حجم المسئولية الكبيرة الملقاة على عاتقها من أجل تعزيز هذا النجاح والارتقاء به إلى آفاق أوسع، وأكثر قدرة على الاستجابة للتحديات العديدة التي تواجه أي مؤسسة عامة، ولاسيما المؤسسات ذات العلاقة بأهم منظومة قيمية في حياة الأفراد والمجتمعات وهي منظومة العدالة والإنصاف.
من جانبها، أكدت السيدة غادة حميد حبيب الأمين العام للتظلمات، أن إنشاء الأمانة العامة للتظلمات ارتبط ارتباطًا وثيقًا بقيم التحضر والمدنية التي صبغت تاريخ البحرين منذ آماد طويلة، والتي توجت بالمشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، وبدعم صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، ذلك المشروع الرائد الذي فتح آفاقًا واعدة للتطور والنمو والازدهار، ورسخ لآلية التعاطي مع مفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان، وجعلها جزءًا لا يتجزأ من المنظومة القيمية والإدارية لمؤسسات الدولة، مرتكزًا في ذلك على روح التسامح والتعايش السلمي والهوية الوطنية الجامعة فأنتج لنا نموذجًا فريدا يُحتذى به.
وأضافت أن إنشاء الأمانة العامة للتظلمات جاء في إطار حزمة من الإجراءات التشريعية والتنفيذية والإدارية التي اتخذتها مملكة البحرين ضمن مشروعها الديمقراطي والتنموي الشامل، ومثلت نقلةً نوعيةً مشهودةً ارتقت باحترام قيم ومبادئ حقوق الإنسان في العمل العام، ووصلت به إلى مصاف القيم والمبادئ المعيارية الدولية، مشيرةً إلى أن الأمانة العامة للتظلمات وضعت منذ الأيام الأولى أسس وقواعد لعملها، عبر الاستفادة من أفضل الممارسات الدولية المتبعة في مجالات مكاتب أمناء التظلمات، ومن خلال التعرف على خبرات مؤسسات دولية عريقة مماثلة لها في الاختصاصات، ونتج عن ذلك الحصول على عضوية المعهد الدولي لأمناء التظلمات، بالإضافة إلى أنها كانت من المؤسسين لجمعية أمناء تظلمات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
واختتمت السيدة غادة حميد حبيب كلمتها بتوجيه الشكر لكل من ساهم في تأسيس الأمانة العامة للتظلمات، ودعمها بمختلف الصور والوسائل، وخصت بالشكر الفريق أول ركن معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية وقيادات الوزارة، وسعادة السيد نواف بن محمد المعاودة باعتباره أول أمين عام للتظلمات، وسعادة السيد أسامة أحمد العصفور كأول نائب أمين عام للتظلمات، ولكل الرواد الأوائل وجميع منتسبي الأمانة الذين عملوا بكل تفانٍ وإخلاص في حقبة التأسيس، باذلين كل ما لديهم من خبرات ومهارات احترافية، لتحقيق أعلى مستويات الجودة في خدمة الجمهور.
من ناحيته، أعرب السيد كريس فيلد رئيس المعهد الدولي لأمناء التظلمات وأمين التظلمات في غرب أستراليا، عن سعادته بحضوره إلى مملكة البحرين للمشاركة في هذا المؤتمر الدولي بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس الأمانة العامة للتظلمات، مؤكدًا أن مؤسسات أمناء التظلمات، تسعى أينما وجدت في العالم، إلى أن تكون نصيرة للمبادئ التي تجعل المجتمعات أكثر عدالة وأكثر نجاحًا، موجهًا شكره إلى الأمانة العامة للتظلمات في مملكة البحرين لكونها نصيرة لهذه المبادئ، قائلاً إنها تجسد المبادئ والممارسات الحديثة لأمناء التظلمات، والقيام بذلك بطريقة تعكس ثراء وتنوع ونجاح ثقافة البحرين وتراثها الطويل.
وتطرق في كلمته إلى جانب من خطط تطوير عمل مكاتب أمناء التظلمات على المستوى الدولي، مؤكدًا في هذا الصدد أنه سيعمل على تنفيذ وعدين خلال العام القادم 2024م، الأول يتعلق بمضاعفة المبلغ الحالي لتمويل مكاتب أمناء التظلمات في منطقة آسيا، والتي تعتبر الأمانة العامة للتظلمات بالبحرين عضوًا فيه، وذلك من منطلق الاعتراف بحقيقة أن منطقة آسيا هي المنطقة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم، وتحوي عددًا كبيرًا جدًا من مكاتب أمناء التظلمات الذين يقومون بعمل حيوي، والثاني هو العمل على ضمان اعتماد اللغة العربية كإحدى اللغات الرسمية للمعهد الدولي لأمناء التظلمات، باعتباره أمرًا أساسيًا للتعامل مع مكاتب أمناء التظلمات من الدول الإسلامية الكبرى في العالم.
كما تطرق إلى أهمية المعهد الدولي لأمناء التظلمات، مؤكدًا أنه يمثل أكثر من 200 مؤسسة لأمناء التظلمات في ما يزيد على 100 دولة حول العالم عبر ست مناطق عالمية، ويدعم المعهد، مكاتب أمناء التظلمات من خلال التدريب وتمويل المشاريع وتبادل أفضل الممارسات، و يستمر في تطوير عمل مكاتب التظلمات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مذكرة التفاهم التي أبرمها مؤخرًا مع معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث ومشروعه الرئيسي مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
بدوره، وجه السيد شريف مالقوج رئيس مؤسسة ديوان المظالم في تركيا “الأومبودسمان” ورئيس جمعية أمناء التظلمات في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي (OICOA)، الشكر للأمانة العامة للتظلمات بمملكة البحرين على استضافة هذا المؤتمر، متمنيًا للأمانة المزيد من النجاح في مسيرة عملها المستقبلية، ثم تناول فكرة ديوان التظلمات في التاريخ الإسلامي بمسمياته المتعددة وعبر مختلف الحقب والعصور.
وقال إن العدالة من أكثر المفاهيم التي وردت في القرآن الكريم، وقد تم توضيحه أيضًا في الأحاديث النبوية، وأن ضمان السلام والرضا للناس كان أولوية في الدول الإسلامية من خلال إنشاء مؤسسات مهمة مثل دواوين التظلمات، التي تطورت عبر الأزمة حتى وصلت إلى شكلها المؤسسي الحديث، والدور الذي تقوم به في تحقيق السلام والهدوء والرفاهية في المجتمع من خلال ترسيخ العدالة، حيث يؤدي أمين التظلمات دورا مهما في إنشاء علاقة صحية وقوية بين الجمهور والدولة، كما يعمل على تحقيق الشفافية من خلال التفتيش على الإدارة والإداريين، ويتأكد من سير شؤون الإدارة وفق القانون والإنصاف والعدالة، ويتبع أيضًا مبادئ مثل حماية حقوق الإنسان والعدالة والحكم الرشيد والمساواة.
وجرى خلال الحفل عرض فيلم وثائقي، يستعرض مسيرة عمل الأمانة العامة للتظلمات، طوال الأعوام العشرة الماضية، والدلالات المهمة لإنشائها، ودورها في خدمة الجمهور وتعزيز احترام حقوق الإنسان في مجالات تخصصها، وفي مملكة البحرين بشكل عام.
وفي ختام الحفل قدمت الأمين العام للتظلمات درعا تذكارية إلى سعادة وزير العدل والشؤون الاسلامية والأوقاف.
وقد أعلنت الأمانة العامة للتظلمات أن تنظيم هذا المؤتمر جاء تزامنا مع الذكرى العاشرة لتدشينها لتسليط الضوء على الريادة البحرينية في مجال عمل مؤسسات أمناء التظلمات، كون الأمانة هي الأولى من نوعها ذات التخصص النوعي في المنطقة، كما يهدف المؤتمر لنقل التجربة البحرينية من النطاق المحلي والإقليمي إلى النطاق الدولي عبر استعراض دور الأمانة في تعزيز الممارسات الاحترافية المسئولة، وتبيان الدور الجوهري للأجهزة التنظيمية والرقابية والآليات الوطنية المستقلة في رفع مستوى الأداء الحكومي وتحسين جودة الخدمات في عدة قطاعات كقطاعي الرعاية والإصلاح، بالإضافة إلى التعريف بالدور البارز للشراكات الدولية وتبادل الخبرات عبر التعاون الإيجابي بين الأمانة العامة للتظلمات والجهات ذات العلاقة محلياً ودولياً في مجال حقوق الإنسان والعدالة الإصلاحية والتي تسهم في تطوير المنظومة القانونية والحقوقية في مملكة البحرين.
ويناقش المؤتمر على مدى يومين خمسة محاور متخصصة، المحور الأول يتناول “دور مكاتب أمناء التظلمات في تعزيز حقوق الإنسان ضمن منظومة العدالة الجنائية”، والمحور الثاني حول “المعايير القانونية والحقوقية في عمل أجهزة الرقابة على سلوك الشرطة والتفتيش على السجون والإصلاحيات”، فيما يستعرض المحور الثالث “آفاق التعاون المشترك والاستفادة من الخبرات الدولية بين أجهزة العدالة ذات التخصص النوعي”، ويناقش المحور الرابع “جهود تعزيز حقوق الإنسان في العمل الشرطي ومجالات رعاية النزلاء والمحتجزين بالبحرين”، ويسلط المحور الخامس الضوء على “الاتجاهات الحديثة في حماية الفئات الأولى بالرعاية في المراكز الإصلاحية ودور الرعاية الاجتماعية”.
ويعد هذا المؤتمر منصة للمهتمين بعمل مؤسسات أمناء التظلمات، من جميع أنحاء العالم للالتقاء معًا لمناقشة وتبادل الأفكار المتعلقة بمكاتب أمناء التظلمات ودورهم في تعزيز حقوق الإنسان.